dimanche 13 septembre 2009

سلطة صمّـاء تتحاور مع شباب أصابه البكم

سلطة صمّـاء تتحاور مع شباب أصابه البكم
إن طبيعة العلاقة بين الشّباب و السّلطة، و الشّباب و المجتمع السّياسي في تونس تشوبه عديد التّساؤلات في ضلّ شعارات نادت بضرورة فتح حوار مع الشّباب لم يتجاوز المشاركون فيه نسبة ضعيفة جدّا من هذه الفئة العمريّة. لقد أسست السّلطة منذ قيامها علاقة مع الشّباب تحكمها مفاهيم سلطويّة وصائيّة، فكانت تتعامل مع هذه الفئة باستنقاص شديد، و إن غيّرت من شعاراتها في الأيام القليلة الماضية فإنّ ذلك لم يغيّر شيئا من طبيعة العلاقة. فمن فجر الجمهوريّة شرعت السّلطة في تنفيذ تصوّرها الشّبابي عن طريق تشريع نظامها وإخضاع الشّباب لسياساتها باستعمال طرق عديدة كالتّمييع ونشر ثقافة الولاء مبرّرة السّلطة المطلقة للزّعيم الأوحد وضرورة الاقتناع بعدم نضج الشّعب التّونسي لممارسة حقوقه و حرّياته كاملة.
لقد قامت السّلطة بتدجين كلّ هيكل موجّه للشّباب بإمكانه تحقيق الفارق وتكوين مجموعات شبابيّة تحمل مشروع المعارضة الثّقافيّة أو حتّى التّكوين السّياسي الأمثل لتجد نفسها عاجزة الآن حتّى عن تغذية حزبها الحاكم بالكوادر الشّبابيّة أو الإحاطة بهذا العدد الهائل من الشّباب الّذي بإمكانه رفض علاقة الوصاية لانفتاحه على دول حقوق الانسان باستعمال التّكنولوجيا الحديثة و الملمّ بتاريخ حركة التحرّر في تونس الّتي قامت على رفض وصاية الاستعمال على الشّعب التّونسي. تخاف السّلطة من أن يتمتّع الشّباب بالمواطنة كاملة فيتحوّلون إلى نواتاة مفكّرة تفقد النّظام سياسته الّتي يعتمدها منذ الاستقلال. و لا يمكن استثناء علاقة نخب المجتمع السّياسي بالشّباب في تونس، فقد ساهمت تراكمات وأحداث سياسيّة في تشكيل الوضع الحالي، لعلّ أبرزها الصّراعات بين الأفكار والمدارس الفكريّة خاصّة في العقد السّابع و الثّامن من القرن الماضي و الّذي لا تزال مظاهرها حاضرة إلى يومنا هذا.
لقد تميّز المجتمع السّياسي في تونس في القرن الماضي بصراعات عديدة لعلّ أبرزها ما كان بين الإسلاميين و العلمانيّين و الصّراع داخل العائلات الفكريّة اليساريّة و ما شابها من تدجين وعسكرت لعدد هائل من الشّباب لم يكن قادرا على استيعاب طبيعة الصّراع إذ غلب على نسبة كبيرة منهم فكرة ضرورة الولاء للايدولوجيا على حساب الولاء للوطن. لقد تميّز المجتمع السّياسي منذ تلك الفترة و إلى اليوم بعمق الصرّاعات وثقافة تبادل التّهم و إسناد صكوك النّضاليّة رغم اتّفاق الجميع تقريبا على نفس الأجندات وعلى رأسها الذّود عن الحريّـات و المواطنة والمقدرة الشّرائيّة و غيرها. لازالت تشكيلات المجتمع السّياسي في تونس غير قادرة على التخلّي عن الطّرق التّقليديّة في التّعامل مع الشّباب، فأغلبها لم يقدر على مواكبة زخم الانفتاح على المنضومة الرّقميّة، و بقي خطابها خشبيّـا مأدلجا غير مفهوم من الشّبـاب التّونسي عموما. بعض تشكيلات المجتمع السّياسي التّونسي اتّسمت بعدم الوضوح في الرّأيا، فغطاؤها معارض مستقل ولكن مضمونها موال حكوميّ.
كذلك عجز الإعلام المستقل عن الوصول إلى النّسبة المطلوبة من الشّباب، وبقيت دائرة الإعلام الجدّي تحوم حول بضع آلاف من الشّباب حيث يتعرّض أغلبنا إلى هجمة التّمييع والغزو الثّقافي الغربي في ضلّ استقالة وعدم جديّة الإعلام الرّسمي. إن الشّباب التّونسي هو ضحيّة مشتركة بين السّلطة، وهي المسؤول الأوّل، و النّخب السّياسيّة المستقلّة والموالية، فقد أدّى الخطاب الخشبيّ لدى البعض وحضور أحزاب الدّيكور على السّـاحة التّونسيّة الى عدم قدرة الشّـاب التّونسي على فهم الوضع السّياسي في البلاد بصورة واضحة وقام ببناء هوّة عميقة بينهم وبين المجتمع السّياسي، يمكن أن نطلق عليها أزمة ثقة، فالشّـاب التّونسي لا يثق في المعارضة الّتي اعتبرها كلّها ضربا من الدّيكور.
لقد صار الشّـاب التّونسي اليوم لا يثق في الإعلام الرّسمي إطلاقا، فيقاطعه كما قاطع الممارسة السّياسيّة الّتي اعتبرها واهية وغير قادرة على تغيير الوضع، وقد كشفت دراستان قامت بهما مؤسّستان رسميّتان، وزارة الشّباب و الطّفولة والدّيوان الوطني للأسرة، بعد استبيان نحو 10آلاف شاب وفتاة أنّ أكثر من 72بالمائة من الشّباب يرفضون المشاركة في الحياة السّياسيّة وأنّ نسبة المتابعين للإعلام الرّسمي لا تتجاوز 9بالمائة ووصف السيّد عبد الله الكعبي وزير الشّباب و الطّفولة نتائج هذه الاستشارة الشّبابيّة بالايجابيّة ؟؟
نزار بن حسن

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire